قاطع التليفزيون لحماية نفسك وأولادك
رمضان بداية للتخلص من "الشهوة الحرام" عرضت الفضائيات العام الماضي 92 مسلسلاً تليفزيونياً خلال شهر رمضان التفت حولهم معظم الأسر العربية ضاع من خلالها ساعات وساعات، والسبب هو إدمان هذا الجهاز الخطير الذي يضيع صيام النهار ويسرق قيام الليل بالبحث عن اللهو والتسلية بعد الإفطار.
وبالرغم من أن معظم الدراسات تؤكد أن التليفزيون له مساوئ خطيرة على الأبناء وعلى الترابط الأسري ، إلا أنه من المفترض أنه نتوقف عن هذا العبث في شهر رمضان لأنه شهر العبادة لا شهر "الدراما" .
وفي حصر مبسط لسلبيات التليفزيون خلال بعض الدراسات أكدت دراسة مصرية أنه شوه صورة المرأة سواء في أسرتها أو مجتمعها بعد أن اختذلت صورتها فى الإعلان في أشكال وقوالب معينة للأسف تسيء إليها وتحطم من مكانتها ودورها الحقيقي ، الأمر نفسه هو الذي زاد من نسبة الطلاق حتى وصلت إلى 70 ألف حالة طلاق فى مصر بسبب مطربات الفيديو كليب وفتيات الإعلانات، وذلك لأن الإنسان لديه توقع فوق العادي لمستوى السعادة فى الدنيا ، فبسبب ما يقدم فى الإعلام فأصبح لدى الرجال اعتقاداً بأن زوجته يجب أن تكون جميلة وفاتنة طول الوقت كما يشاهد ولا يرضى عن شكل زوجته فيبدأ بالنظر للأخريات ويبدأ يكره قدره وحياته.
ضعف القلب
لا يوجد بيت يخلو علي الأقل من جهاز تليفزيون ، ويبلغ متوسط ساعات المشاهدة من 5: 8 ساعات يومياً بل قد تزيد النسبة فى شهر رمضان ، وبالتالي أصبح المربي الأول فى بيوتنا هو هذا الجهاز الذي يبث بعض الأفكار والصور الذي يستقبلها المشاهد بالعقل الواعي من خلال العين والأذن ، وهناك أشياء مضاعفة يتم تخزينها فى العقل اللا واعي ، وكل مشهد تلتقطه العين ترسل صورة على الفور للقلب الذي بدوره يرسل الصورة إلى العين حتى إذا تم إغلاقها أثناء المشاهدة أو استرجاعها فيما بعد، وبما أن الخشوع أثناء الصلاة وكل الروحانيات وخاصة بشهر رمضان تخرج من القلب كلها أمور تؤثر على الصائم أثناء الصيام والصلاة .
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من قام رمضان إيمانًا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه. ومع مشاهدة هذا الكم من المسلسلات كيف ستؤدي فرائضك فى هذا الشهر فلو افترضنا أنك تشاهد 4 مسلسلات فقط بـ30 حلقة ، كل حلقة مدتها ساعة أي تضيع 120 ساعة على الأقل تنشغل خلالها عن طاعة الله .
مجهود شيطاني
الداعية مصطفي حسني
وتطرق الداعية "مصطفي حسني" خلال برنامجه "خدعوك فقالوا" إلى مخاطر وسلبيات التليفزيون على الأسرة المسلمة مؤكداً أن هدفه الأساسي هو التسلية وضياع الوقت وخاصة إذا كان الإنسان بعيداً عن الله ، فهو كمن يبحث عن إرضاء إله آخر وهو " الهوي أو المزاج" يقول الله تعالي في سورة النور (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ) ، ولكن فى حالة القرب من الله سيسعي الإنسان إلى كل ما يرضي الله سبحانة وتعالي فى هذا الشهر الكريم.
ومن هنا نشأت فكرة "المتعة الحرام" ، فكلما زادت الشهوة زاد الإقبال على ما يقدم فى الإعلام ، لأن المسألة أصبحت "عرض وطلب" وهى متعة تقديم شيء يرضى الشهوة والرغبات بغض النظر عن ما يرضي الله ورسوله ، يقول الله تعالي فى سورة الناس ( الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ.مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ) ومن يحاول بث أفكار سيئة أحد جنود الشيطان هو كما يقول الله تعالي فى سورة الأنعام ( وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ) فيكرس الشيطان جهوده قبل أن يسلسل فى رمضان بحصر جنوده من الأنس كي يبعدونا عن السبيل (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ).
يقول مصطفي حسني : لا نريد أن يشيح النبي وجهه عنا يوم القيامة فكل إنسان أعماله ستظهر على وجهه فإما (وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ.إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) وإما (ووُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ.تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ) ، لذا نريد أن تنور وجوهنا فى استقبال الخير من الله وترك كل الأخطاء ولا نضيع رمضان.
يبث الفواحش
لا نستطيع القول بأن مشاهدة التليفزيون "حرام لذاته" لكن الأصل فيه حلال لو استخدم فى الحلال وبالعكس حرام إذا استخدم فى الحرام ، ويطلق عليه علماء الفقه "حرام لمحله" أي على حسب المادة المقدمة من خلاله ، ولكن المشاهد العربي يشاهد 40 ساعة أمام التليفزيون غيرت مفاهيم أمة محمد فهناك أكثر من 42 قناة عربية للأغاني لا تعرض إلا العري ، لذا يجب أن تسأل نفسك قبل يوم القيامة "لماذا كانت هذه القنوات قائمتك؟" .
ويردف قائلاً : "الإعلام علمنا حب الفواحش وانتظار مشاهد الحب والرومانسية بين أبطال هذه الأعمال وانتظار مشاهد الزنا ،فعند الصلاة لا تخشع القلوب ويكره الإنسان الوقوف بين يدي الله ، فالقلب من أكثر المناطق الغالية على الله سبحانه وتعالي لأن يستقر به حب الله والإقبال عليه ، وعندما يملأ عن طريق العين والأذن بأشياء خاطأ وحرام فبهذه الطريقة يضيع الإنسان الأمانة ، وأين ما نادي به الرسول صلي الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده .. فإن لم يستطع فبلسانه .. فإن لم يستطع فبقلبه .. وذلك أضعف الإيمان" كل العلماء أجمعوا أن تركك لهذا المنكر هو تركه "فهل تستطيع تغيير القناة"؟
وبحديث الرسول الكريم "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته " وجه مصطفي حسني وصية للأهل بعدم ترك الأبناء أمام التليفزيون وتوجيههم إلى كل ماهو نافع ، مؤكداً أنه لا داعي لان نربي أبنائنا على معاني يبثها التليفزيون ، مع ضرورة ترتيب قنوات التليفزيون بحسب الأهمية والنفع كالرياضة والكرتون والدين والأخبار ثم القنوات التى تعرض برامج ذات معنى ومعرفة مواعيد البرامج المفيدة بها ، ومسح قنوات الحرام ، وعدم مشاهدة الطفل للتليفزيون أكثر من ساعة ، كن قدوة صالحة ليقتدي بك أبناؤك.
سلبيات ورسائل
وعن سلبيات التليفزيون على الأطفال يشير أخصائي الأمراض النفسية ومتخصص سلوكيات الطفل الدكتور"عمرو صلاح" إلى أن التليفزيون لا يحتوي بكامله على مميزات أو عيوب ولكن الذي يحدد هذا المفهوم هي طريقة تعاملنا معه ، فبجانب أنه نافذه على العالم ويحتوي على العلوم ويطالعنا على الثقافات الأخري يعلمنا التعامل مع بعض الموضوعات الصعبة كالفقر والمخدرات وخلافه ويعتبر أداة تعليمية جيدة ، إلا أننا نري أن هناك أطفال يدمنون مشاهدة التليفزيون، ويرسل كثير من السلبيات التى تؤثر على سلوكياتهم منها :
* التليفزيون يرسخ العنف لدي الأطفال ، لأنه يقلد ما يراه فى التليفزيون وينعكس ذلك على طريقة لعبه لأنه اعتاد على مشاهدة العنف فأصبح أمراً طبيعياً وموقفه تجاهه أصبح عادياً ، كما أصبح لا يتعاطف مع أي ضحية فى الأفلام ،وكل هذه الأشياء خطيرة تزرع قيماً سلبية تترسخ داخل الطفل بدون أن يلاحظ الآباء.
* نري فى الأفلام الأمريكية أن هناك شخصاً صالحاً وآخر شرير وفيها نري أن الشخص الطيب لديه الحق في استخدام العنف مع الشرير وهنا تصل الرسالة للطفل وهي أن "من حقي أن استخدم العنف تجاه الآخرين" وكلها رسالات خطيرة جداً .
* يؤثر التليفزيون على قدراته المعرفية فمعظم برامج الأطفال والكرتون تحدث فقراتها فى ثواني اقصي مشهد يستمر دقيقتين ، فيتعلم الطفل التركيز لمدة دقيقتين فقط .
و من ناحية أخري يحتاج الطفل فى المدرسة إلى التركيز لمدة 15 دقيقة ،الأمر الذي يشعره بالملل بعد دقيقتين ويبدأ فى الحركة والتوتر.
* عند قراءة الكتاب يضطر الطفل أن يقرأ القطعة لأكثر من مرة كي يفهم ما حدث فى القصة كي يتمكن من فهمها والتطبيق عليها، ولكن على العكس تماماً فالتليفزيون حركته سريعة يعكس السلبية على تقبل الطفل للمعلومة مما يؤثر على طريقة تفكيره ،وينعكس على تحصيله الدراسي ويجعله متلقي فقط بدون أن يسأل أي سؤال فى مواده الدراسية.
* التليفزيون يقلل من حجم "الواقع" لدي الطفل دون الـ8 سنوات حيث يعجز عن التفرقة بين الواقع والخيال،فعندما يشاهد فيلم عن "الأشباح" يصدق ما يحدث بها من أحداث ، الأمر الذي يتسبب له فى حدوث كوابيس.
* معظم إعلانات التليفزيون تعلن عن منتجات تحتوي على سكر ، وعندما يصل الطفل إلى 18 سنة يكون قد شاهد خلالها 35000 إعلان يحتوي معظمه على منتجات السكر فيصبح لدي الطفل عادات سيئة كثيرة فى التغذية.
* يتسبب التليفزيون في ندرة الحديث والحوار بين أفراد الأسرة الذي يقل بصورة كبيرة ويتقلص معه الترابط الأسري بشكل عام.
* تطغي مشاهدة التليفزيون على اللعب العادي الذي يعتمد على الحركة المفيدة لصحة الطفل النفسية والعقلية .
العلاج يبدأ من الأسرة
وعن العلاج يشير الدكتور عمرو إلى أن هناك بعض النقاط الهامة التى يمكن للكبير والصغير من خلالها الإقلاع عن مشاهدة التليفزيون والتخلص من إدمانه منها :
* إقلاع الآباء عن مشاهدة التليفزيون.
* تحديد وقت النوم كل يوم في ميعاد ثابت للأبناء.
* وضع حد لمشاهدة التليفزيون ، فمن المفترض أن من 30 : 60 دقيقة يعتبر مدة كبيرة ، ولكن من الممكن وضع استثناءات على سبيل المثال مشاهدة ماتش لكرة القدم أو فيلم جيد من أفلام والت ديزني أو غيره.
* بعد انتهاء الطفل من مشاهدة فيلمه أو برنامجه المفضل ،ويغلق التليفزيون يجب تشجيعه والثناء عليه بالمدح من قبل الأم أو الأب.
* تشجيع الطفل على ممارسة بعض الأشياء المفيدة كاللعب ، قراءة الكتب المصورة ، زيارة حديقة الحيوان ،الرسم أو عمل بعض الأشغال اليدوية التى تلفت انتباههم وتنمى مداركهم بمشاركة الأم والأب لفتح مجال للحوار مع الأبناء.
* عمل تنقية لما يراه الأطفال مع الابتعاد عن قنوات الأخبار خاصة أخبار الحروب أو أفلام الكبار والرعب أو البرامج العنيفة التى تسبب كوابيس أثناء النوم.
* مشاركة الأم لأطفالها أثناء مشاهدة التليفزيون من أجل التوجيه بالثناء على النماذج الجيدة والعكس تماماً مع السئ منها ،وذلك من أجل تنمية النقد التحليلي للطفل ومعرفة الآراء المختلفة لتمية مداركهم وتفتيح عقولهم.
فكل ما سبق هي طرق مفيدة لتشجيع الطفل على ممارسة الرياضة والهوايات المختلفة وزيارة المتاحف وغيرها.
والآن من منكم يبدأ بمقاطعة التليفزيون في رمضان كبداية لانتقاء ما نشاهد فيما بعد؟ .. شاركنا الرأي. منقوووووووووووووووووووووووووووووووووول